هل الائمة الكبار في الإسلام شخصيات تاريخية حقيقية !؟
أئمة المذاهب الأربعة: في القرون الهجرية الثلاثة الأولى، برز عدد من الأئمة الكبار الذين أسسوا المذاهب الفقهية الأربعة وتركوا أثراً عظيماً في علم الحديث والفقه الإسلامي، ومن أبرزهم الإمام أبو حنيفة النعمان (ت 150هـ) مؤسس المذهب الحنفي، المعروف باعتماده على الرأي والقياس، والإمام مالك بن أنس (ت 179هـ) صاحب المذهب المالكي، الذي اعتمد على عمل أهل المدينة والمرويات الموثوقة، والإمام الشافعي (ت 204هـ) واضع أسس علم أصول الفقه ومؤسس المذهب الشافعي، والإمام أحمد بن حنبل (ت 241هـ) إمام المذهب الحنبلي، الذي عُرف بتشديده في التمسك بالنصوص واعتماده الكبير على الحديث النبوي. وقد ساهم هؤلاء الأئمة في تدوين السنة النبوية وتطوير مناهج الاستنباط، وكان لهم دور محوري في تشكيل الفكر الإسلامي السني، مما يجعلهم من أهم الشخصيات في التاريخ الإسلامي المبكر.
أئمة الكتب الصحاح: يُعد أئمة الكتب الستة من أعلام علم الحديث في الإسلام، وقد عاشوا في القرون الهجرية الثلاثة الأولى وأسهموا في تدوين السنة النبوية وحفظها بسند متصل ومنهج نقدي دقيق، وهم: الإمام البخاري (ت 256هـ) صاحب صحيحه الذي يُعد أصح كتاب بعد القرآن، والإمام مسلم (ت 261هـ) صاحب صحيح مسلم الذي جمع الأحاديث المتعددة الطرق، وأبو داود السجستاني (ت 275هـ) الذي ركّز في سننه على أحاديث الأحكام، والترمذي (ت 279هـ) الذي ميّز بين الصحيح والحسن والضعيف في جامعه، والنسائي (ت 303هـ) المعروف بدقته في السنن الكبرى والصغرى، وابن ماجه (ت 273هـ) الذي أضاف أحاديث فريدة في سننه، وقد أصبحت كتبهم مرجعًا أساسيًا في الحديث والفقه عند أهل السنة والجماعة.
مسالة الوجود التاريخي: ظهرت بعض الآراء الشاذة التي شككت في وجود الأئمة الأربعة تاريخيًا، خاصة من بعض المستشرقين مثل جوزيف شاخت، الذي زعم أن المذاهب الفقهية تطورت لاحقًا ونُسبت إلى شخصيات رمزية، كما عبّر بعض شعراء الشيعة عن رفضهم للأئمة الأربعة في أشعارهم، بينما أشار بعض المفكرين المعاصرين إلى أن تدوين المذاهب تم بعد وفاة الأئمة بزمن، مما أثار جدلاً حول نسبة بعض الآراء إليهم، لا حول وجودهم الفعلي؛ إلا أن هذه المزاعم رُفضت علميًا، إذ تؤكد كتب التراجم والحديث والتاريخ الإسلامي وجودهم، وتوثق حياتهم، شيوخهم، تلامذتهم، ومؤلفاتهم. أين الحقيقة هل هم وجدوا ام لا !؟
كتاب أقدم المخطوطات العربية في مكتبات العالم: كتاب أقدم المخطوطات العربية في مكتبات العالم للباحث العراقي كوركيس عواد يُعد من أبرز الدراسات التي وثّقت التراث العربي المكتوب خلال القرون الهجرية الخمسة الأولى، حيث يستعرض فيه أقدم النسخ العربية المحفوظة في خزائن الكتب العالمية، بما في ذلك المصاحف، أوراق البردي، وكتب الفقه والحديث والعلوم، ويقدم وصفًا دقيقًا لمحتواها وتاريخها ومواقع حفظها، مما يجعله مرجعًا مهمًا للباحثين في تاريخ الكتابة العربية وتطور التدوين الإسلامي المبكر. وبحسب الكتاب فان صحيح البخاري تعود أقدم مخطوطة له الى عام ٤٩٥هجري أي بعد وفاة البخاري في ٢٥٦ هجري بحوالي ٢٤٠ عاما, صحيح مسلم تعود أقدم مخطوطة له بين أيدينا الى عام ٣٦٨ هجري أي بعد وفاة مسلم في ٢٦١ هجري بما يزيد عن قرن من الزمان, سنن أبي داوود ليس للكتاب نسخة متكاملة بل أجزاء متفرقة في تواريخ متفرقة تعود جميعها إلى القرن الرابع الهجري أي بعد وفاته بحوالي قرن حيث توفى في عام ٢٧٥ هجري, أما بقية الكتب الثلاثة الأخرى من كتب صحاح السنة وهي جامع الترمذي الذي توفي ٢٧١ هجري وسنن ابن ماجة الذي توفي ٢٧٣ هجري وسنن النسائي الذي توفي ٣٠٣ هجري, فليس لها وجود حتى نهاية القرن الخامس الهجري بما يعني أن الموجود بين أيدينا منها يفصله فجوة زمنية غير معروف ما تم فيها وهذه الفجوة تقدر بمئات السنين بعد وفاة الجامع لأحاديث رسول الله وكذلك هنالك أكثر من قرنين من الزمان يفصلان بين مخطوطة موطأ مالك التي أخذ عنها موطأ الإمام مالك المطبوع المتداول بين أيدينا وبين وفاته حيث توفي في عام ١٧٩ هجري.
نتائج الدراسة في الكتاب: أولا : لا توجد أي مخطوطة لكتاب في القرنين الأول والثاني الهجريين سوى مخطوطات القرآن الكريم، ويستثنى من هذا التعميم مخطوطة كتاب سيبويه. بما يعني عدم ثبوت كتابة أي من الائمة أبو حنيفة ومالك والشافعي والبخاري لأي كتاب بأيديهم، ولا في حياتهم. ثانيا: بمقارنة تاريخ وفاة الامام البخاري ٢٥٦ هجرية وتواريخ أقدم مخطوطات كتابه الجامع الصحيح فسوف نجد أن المخطوطات الثلاث كتبت كلها بعد رحيله. أي ان أئمة الثلاثة قرون الهجرية الأولى العظام، لم يقروا كتابا عربيا إسلاميا واحدا في حياتهم, ان عصر التدوين الفعلي قد بدأ فعليا في النصف الأخير من القرن الهجري الثالث ٤٤ مخطوطة فقط, لم يرد أي ذكر لأي مخطوطة للصحاح ولا للإمام أبي حنيفة ولا للأمام علي بن ابي طالب, لم يرد أي ذكر لمخطوطة صحيفة همام، ولا الصحيفة الصادقة للإمام عمرو بن العاص. وهل هناك احتمال في ان يقوم كتبة مجهولون في كتابة وتأليف هذه المصنفات ثم ينسبونها على أنها من نظم الأئمة ؟
الخلاصة: هناك 3 اقوال في هذا البحث, الأول ان المخطوطات لم توجد بعد وهذا القول فيه مغالطة الاحتكام للجهل. و القول الثاني ان الائمة شخصيات رمزية وهذا القول فيه تطرف تاريخي ويخالف مبدا نصل اوكام في تفسير الظواهر والمسائل. اما القول الثالث ان الائمة موجودون لكن هذه المؤلفات منسوبة لهم وهذا القول الراجح لدينا والاقرب للاعتدال والانصاف. وكان الهدف من تأليف المؤلفات ونسبها الى الائمة هو إضفاء الشرعية على قرارات الدولة العباسية.



